الحصاد الإخباري
من مهمّات حفظ الأمن والإستقرار في قرى وبلدات الجنوب، والتنسيق مع قوّات الأمم المتحدة، ومراقبة ورصد أي تحرّكات إسرائيليّة مُعادية على الحدود، إنتقلت وحدات اللواء التاسع بقيادة العميد الركن المغوار جوزف عون إلى منطقة عرسال في تشرين الأوّل من العام 2016 الماضي.
وهناك، عمل العميد عون على إعادة تنظيم الخطوط الدفاعيّة للجيش اللبناني على طول الجبهة مع الإرهابيّين الموزّعين على مغاور ومخابئ مُحصّنة في جرود عرسال. وهو كان موجوداً طوال الأسبوع على الجبهات الأماميّة للجيش، ويتشارك المخاطر والطعام والمَنامة مع ضباطه وجنوده، ويُتابع عن كثب وبدقّة مُتناهية أيّ تحرّكات مشبوهة للمُسلّحين، ويُعطي التوجيهات المناسبة للتعامل معهم، إن لجهة قصف مواقعهم بالمدفعيّة والصواريخ، أو لجهة تنفيذ عمليّات أمنيّة مُتقدّمة ضُدّهم. واليوم، وبعد التوافق على ترقية العميد الركن عون ليُصبح القائد الجديد للجيش اللبناني، خلفًا للعماد جان قهوجي، هل ستكون أولى المَهمّات القتاليّة للجيش في عهده إستعادة جرود عرسال من قبضة الإرهابيّين؟
بحسب مصادر مُطلعة، إنّ قائد الجيش العتيد هو أكثر من يعرف جبهة عرسال بتفاصيلها كافة، وأكثر من عايش عن قرب مُتطلّباتها الأمنيّة واللوجستيّة، وهو نجح خلال خدمته العسكريّة في المنطقة في تطوير الخط الدفاعي الذي يُقيمه الجيش اللبناني عن البلدات والقرى اللبنانيّة الحدوديّة، بحيث جعل من المُستحيل تكرار أيّ هجمات مُباغتة نحو الداخل اللبناني، كما حصل مثلاً في الهجوم على جرود «رأس بعلبك» في كانون الثاني من العام 2015. وبتوجيهات وإشراف مباشر من العميد الركن عون، أقامت القوى الأمنيّة النظاميّة سلسلة من المراكز العسكريّة المُتقدّمة مع أبراج مُراقبة للجرود وللداخل السوري، وجرى وصل هذه المواقع المُحصّنة بعضها ببعض وتزويدها بما تحتاج اليه على صعيدي العديد والعتاد ، بحيث لا يُمكن إستفراد أيّ منها في أي هجوم مباغت، مهما كان كبيرًا. إلى ذلك، كانت أوامر العميد الركن عون واضحة لضبّاط ولعناصر اللواء التاسع المُنتشر على جبهة عرسال، بضرورة تنفيذ سياسة دفاعيّة إستباقيّة حازمة، لجهة ضرب أيّ تجمّعات للإرهابيّين ما أن يتم رصدها عن طريق المُراقبة الدقيقة على مدار الساعة، ومنعهم من بناء أي تحصينات أو من تجميع أي قوّة عدديّة يُمكن أن تُشكّل خطرًا على الداخل اللبناني، وذلك من خلال القصف الإستباقي المُركّز والكثيف.
وبالنسبة إلى إمكان أن يقوم الجيش اللبناني بهجوم لإستعادة جرود عرسال في عهد قائد الجيش العتيد، لفتت المصادر المُطلعة إلى أنّ «الجنرال» جوزيف عون قد يكون واحدًا من قلائل كبار الضبّاط المناسبين لهذه المهمّة، بسبب خبراته القتالية المُتمرّسة على الأرض، وبسبب معرفته لطبيعة المنطقة ولمُتطلبات المعركة، وذلك بحكم خدمته في المنطقة وتسلّمه قيادة «جبهة عرسال» لأشهر طويلة. لكنّها أضافت أنّ المسألة غير مُرتبطة بشخص قائد الجيش، ولا حتى بقيادة الجيش مُجتمعة، بل بقرار سياسي يجب أن يصدر عن الحكومة اللبنانيّة أوّلاً، وعندئذ يقوم قائد الجيش مع أركانه بوضع الخطة التنفيذيّة الفضلى، وبإصدار «الضوء الأخضر» للوحدات العسكريّة المطلوب إشراكها في المعركة. وتابعت المصادر نفسها أنّ «تنظيف» جرود عرسال من الإرهابيّين، يستوجب إشراك وحدات قتالية كبيرة لتغطية المساحات الجغرافية الواسعة، ويتطلّب تحضـيرات لوجستيّة دقيقة بسبب وعورة المنطقة، إضـافـة إلى ضرورة الأخذ في الإعتبار المخاطر على حياة مجموعة العسكريّين اللبنانيّين الذين ما زالوا في قبضة المجموعات الإرهابيّة. وأضافت المصادر نفسها أنّ معركة «جرود عرسال» تتطلّب أيضًا تنسيقًا مع الدولة السوريّة بسبب التداخل في الأراضي الحُدوديّة لكل من لبنان وسوريا، وتستوجب غطاء سياسيًا من أكثر من مسؤول رسمي وقيادي في لبنان، نتيجة إنتشار قوى عسكريّـة لأكثر من طرف في المنطقة، ومنعًا لأيّ استغلال سياسي أو طائفي أو مذهبي لأي هجوم مُحتمل لقوى الجيش اللـبناني.
وتوقّعت المصادر المُطلعة نفسها أن لا تبقى مُشكلة إرهابيّي جرود عرسال من دون حلّ لفتـرة طويلة، وخـاصة أنّ القـائد العـتيد للجيـش اللبنـاني الذي يعـرف أصغر تفاصيل هذا الوضع الشاذ يُمثّل فرصة مناسبة لإنهـاء هذا الملـفّ الشـائك بحكم الخبـرة الميدانيـة التي كوّنـها على الجبهة، وبـخاصـة أنّ العـهد الرئـاسي الجديد يحتاج إلى فرصة لإثبات حزمه في التـعامل مع هـذا النـوع من الملفّات. وسألت: «هل ستمنح الحكومة اللبـنانيّـة الضـوء الأخضر للجيـش اللبنـاني للتحـرّك»؟