الرئيسية / أخبار مهمة / حسان دياب .. عليا وعلى أعدائي

حسان دياب .. عليا وعلى أعدائي

كتب نصري الصايغ:

رياض سلامة في الأسر. الملك المتوَّج معرض للخلع. هذا أمر جديد جداً، فقط على مستوى الحكم. ما ليس جديداً، أن المرتكبين “جيش” من مرتزقة المال وعصابات تشليح الناس اموالهم. واللبنانيون يشكون الفساد من زمان، من زمان بعيد، ويشيرون بأصابعهم إلى اللصوص، ينعتهم: هم حراميي عن جد، ويسمونهم بأسمائهم.

الجديد في فصول الفساد المتراصة وغير المكترثة، أن يقدم حسان دياب، المتهم بالضعف والارتهان لمن جاء به إلى رئاسة الحكومة، على اتهام قائد “الهندسات المالية”، (وهي اسم لغير مسمى) لأن هذه الهندسات كانت افدح باب من ابواب الفساد والإثراء غير المشروع، والنهب المنظم والتهرب المعلن.

هذا امر لم يحدث من قبل. السبب أن دافني الشيخ زنكي، كان يتصدرون الصفوف الأولى في ارتكاب الفساد، وفي الشكوى من هذا الارتكاب. قديما قيل، أفصح ما تكون القحباء عندما تحاضر في العفاف.

حسان دياب كسر القاعدة قليلاً. دل على الفاسد وحده، فتنادى الفاسدون وتباروا في اقوال ركيكة ورخيصة ومذهبية، بأن بهتان اقوالهم ولم يتجرأوا على تبرئة ذواتهم. حوَّلوا موقف دياب إلى تهمة افتعال مشكلة هدفها الانتقام لا أكثر.

وكالعادة، يلجأ “رجال الفساد الكبير” في لبنان، إلى استحضار الطائفية والمذهبية. لخوض معركة تنتهي، كالعادة، بفوز الجميع وإعادة تقاسم السلطة والتسلط والفساد والإفساد. القاعدة تقول: في المعارك الطائفية، يفوز الطائفيون من الفريقين. الربح مضمون وسهل جداً. هكذا كان في الماضي, فهل يتكرر؟

كي لا يتكرر، امام الانتفاضة شعار جدي وصعب: كلن يعني كلن. وبالفعل، المعسكر المتهم، بقيادة سلامة، متهم وغارق حتى أذنيه في حمأة الفساد والنهب والسلبطة واحتكار الوزارات الدسمة التي تفيض فساداً من جهة، وافقاراً من جهة ثانية.

المعسكر الحاكم مصاب بلوثة الفساد، إن لم يكن كله، فجله. وهذا موقع لا يُحسد عليه حسان دياب ابداً. سنده الوزراي مثقوب. الثقب الاسود في المصرف المركزي هو أفدح من “تونيل”. تحتاج المليارات المنهوبة والمسروقة والمغتصبة إلى قنوات مفتوحة على مصاريعها. عبرها عبرت المليارات إلى اللصوص، في الداخل والخارج. ولقد أظهروا في دار الفتوى على صف مرصوص في وجه دياب.

معسكر دياب ليس بريئا. معظمه شريك ناشط في كرنفال النهب والسرقة، وجماعة التكنوقراط، ليسوا طالقين من مرجعياتهم التي لها حق الفيتو، والتهديد بالانسحاب، وتعطيل الجلسات… إلى اسقاط الحكومة. هي قوى ذات مصالح غير مسموح لصغار التكنوقراط المرتبطين بحبل الصرة بمرجعياتهم، أن يغامروا في معركة صغيرة، فكيف اذا باتت المعركة ابعد بكثير من معركة تأديب او احالة او اقالة الحاكم بأمر المال، من زمان، والعارف بكل واردة نصب وكل وافدة احتيال.

لا شك أن موقف دياب جريء وباهظ. إذا خسر الآن هذه المعركة، فقل على لبنان السلام وعلى الحكومة تجوز الرحمة. وإذا لم تسّلم الانتفاضة بذلك، نظراً لتصويب الثورة سهامها الحقيقية، لحلفاء الضرورة راهنا، المتهمون من قبل شرائح شعبية واسعة، من خارج الاصطفاف المذهبي والطائفي المصاب بطاعون الفساد. لم توفر الانتفاضة، من هم اليوم يولولون دفاعاً عن “الحاكم بأمر المال الحرام”، كما توفر من هم اليوم ممثلين في هذه الحكومة. لقد تجرأوا على التسمية، وسموا كل داعمي هذه الحكومة، التي يعاني من اكثرها، الرئيس حسان دياب.

هل هو انتحاري هذا الرجل؟

ليس امامه، وسط سقوط لبنان المدوي، وهو على شفير الحافة الاخيرة من الافلاس، سوى أن يمارس ذلك الشعار: “عليّ وعلى اعدائي يا رب”.

كل هذا والمعركة ما زالت في بدايتها. لا يعقل أن يبقى الحاكم يتيماً، فهو مهندس المال الذي كان حلالاً، ثم أصبح حراماً، في ذمة آكلة لحوم اللبنانيين. ماذا لو تجرأ على فتح ملفات الفساد؟ اذا لم تكن لديه قوة السلطة وقواها النظيفة والمتضررة، سيأكلونه جميعاً. المرتكبون، جماعة 2%، هم الاقوى بلا منازع. لديهم المال، لديهم جماهير الهياج الطائفي والمذهبي، ولديهم الحلفاء الاعداء، ولديهم الوعي التام، بأن هذه المعركة ستنتهي، بإما قاتل او مقتول. اما حاكم او محكوم عليه.

انها اضغاث كوابيس. وفي ظل هذا المنحى، سيجوع اللبنانيون، وستذوب مدخراتهم، ويلجأون إلى تبني صناديق الاعاشة، والى ممارسة حق اللصوصية على اللصوص الكبار. إلى آخر مشاهد الحالة الفنزويلية. وعندها ستتفرج اميركا ومن معها من العرب، على بلد مخلَّع يعيش تحت رحمة الصدقات.

ما العمل؟

الجواب عن السؤال غير ممكن، الا بعد الانتهاء من الفصل الأول من المشهد السياسي المالي. اما أن يرضخ “الحاكم” وفريقه، فتنتقل المعركة إلى محاكمة الفاسدين واسترداد الاموال المنهوبة، وإما يفشل دياب، ويسقط لبنان في الفراغ والفقر والجوع.

إن سياسة عليَّ وعلى اعدائي، غير مضمونه، ولكنها معركة لا بد منها.

يبقى السؤال المركزي: متى تعود جماهير الانتفاضة بعشرات الآلاف إلى الساحات؟ وماذا سيكون برنامجها؟ وهل هي قادرة على تشكيل قيادة موحدة، تحافظ على التنوع؟ إن اعادة تكرار التظاهرات لم يعد ذا جدوى. البحث عن وسائل جديدة، ضروري جداً. وجدولة المطالب أكثر من ضروري. لا نريد معارك طواحين الهواء. لقد ابدت الانتفاضة وعياً كبيراً، المطلوب هذه المرة وعياً وبرنامجاً والتزاماً.

عن كاتب

شاهد أيضاً

اعتقال ضابط لبناني كبير بشبهة التورط مع عصابة مخدرات

  المصدر: جريدة الأنباء الكويتية وضع القضاء العسكري في لبنان يده على قضية مهمة تتعلق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *