كتب الشيخ طلال الأسعد
تطالعنا الأخبار الوارده من شرق سوريا بتبخر مقاتلي داعش التي احتضنتهم ورعتهم الإداره الأميركيه وهذه النهايه المذله لهم ولعائلاتهم وركوبهم بشاحنات نقل المواشي على يد ما يسمى الإنفصاليين الأكراد وهم يهللون بأنهم أصبحوا في الكيلومتر المربع لتطهير آخر فلول داعش في دير الزور فأمريكا رعت داعش في كل من العراق وسوريا وغطت هجوماتهم بالجو وها هي تتخلى عنهم والأكراد يهللون بأنهم يحققون انتصارات عليها ويزعمون بأنهم يقتربون من حلمهم المزعوم بقيام دولة الكرد ! ولعل من يراقب التاريخ يصل لنتيجه تقول أنكم مجرد ورقه ستحترق مثلما احترقت جبهة النصره وداعش وغيرها من التنظيمات المبرمجه من الخارج والساحه السوريه لا ولن يحميها إلا جيش سوريا الوطني والنصر قاب قوسين او أدنى …
وبهدوء أنظر للدبلوماسيه العربيه المطبعه مع العدو الإسرائيلي لأجد أنه لم يجبرْكم أحد على اتّخاذ المواقف المخزية والجلوس الى جانب نتنياهو منتظرين إملاءات جاريد كوشنر لتنفيذ صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، حتى تتهرّبوا من كاميرات التلفزة لكونكم تدركون تماماً حقيقة نفسكم وخيانتكم الكبيرة التي ترتكبوها وعقدة النقص الذاتية في التفوّق وفي أن تكون ملحقاً وتابعاً
فمن الواضح أنّ أميركا ترامب فقدت القدرة بالسيطرة على القيادة الاستراتيجية لحلف الناتو وشنّ الحروب على المجتمعات والدول، وفقدت القدرة على جرّ حلفائها لتغطية موبقاتها وتدميرها من دون أن تتلقّى ردّ الفعل والحروب التي قد تطالها وتستنزفها، وعلى ذلك لجأت لإنشاء تحالف هجين ولقيط من بعض العرب والكيان الصهيوني بوجه إيران وحلف المقاومة، لإبقاء حالة الاستقطاب الإقليمي والدولي بغية سحْب الأموال الجديدة المتأتية من تراكم النفط، ولمقايضة العرب وإيران بالكفّ عن استهدافها في مقابل السكوت عن التطبيع والجلوس مع الكيان الصهيوني لتنفيذ تصفية فلسطين ومقدساتها.
فأهمّ ورقة تخريبية فقدتها أميركا ترامب اليوم من يدها هي التي كانت عبر شعار نشر الديمقراطية والتغنّي بالعالم الليبرالي الحر، وها هي اليوم تشكّل تحالفات دولية وإقليمية مع حكّام ورؤساء دول يرتكبون كلّ موبقات الفساد السياسي والاستبداد الأمني، حيث لم يعدْ بمقدور حلفاء ترامب التقليديين من الأوروبيين إلاّ السّير بعكسه وهذا تناقض تامّ مع المشروع الاستعماري، كما هو تناقض كمشروع وتحالف أميركي خليجي عربي و«إسرائيلي» بوجه مشروع مؤتمر سوتشي الذي ترعاه روسيا وإيران في سورية وتثبيت معادلة استقرار الدولة وبسط سيطرتها على كلّ أراضيها وتطهيرها من الإرهاب، حيث إنّ سوتشي يسعى لتسهيل الاستقرار في سورية وعودة النازحين إليها للانطلاق وتعميم مشروعهم السياسي في تثبيت شرعيات الدول ونظم حكمها، بينما يريد ترامب في اجتماع وارسو العودة لقلب الأوراق في سورية عبر تطويق إيران وتطويعها من أجل تقييد الدور الروسي المتوسّع والفاعل مع الدور الصيني انطلاقاً من منطقة الشرق الأوسط… إذن نحن أمام مشروعين متناقضين الأول: يتّخذ من وارسو محاولة اصطفاف وتحالف مع الكيان الصهيوني بوجه إيران وقوى المقاومة لمنعها من إحداث توازن استراتيجي لحماية أمنها ودولها وبالبدء بإنشاء آليات لسباق تسلّح في الشرق الأوسط، والثاني: تحالف روسي إيراني سيجذب تركيا إليه يحاول تثبيت معادلاته الميدانية والسياسية والحفاظ على هذه المنجزات… فأوّل إرهاصات هذا التحالف الأميركي كان حصول تفجيرات إرهابية في سيستان بلوشستان في إيران. وهذا بالطبع تورّط من بعض الدول العربية والخليجية، فهل هي قادرة على تحمّل نتائج ما يجري وما تقترفه أيديها، أم أنه ستكون لديها الجرأة بفتح حوار عربي خليجي مع إيران الدولة الطبيعية والأقرب الى الأمة وقضاياها .