الحصاد الإخباري
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، مقابلة أجراها المحلل والكاتب الأميركي توماس فريدمان مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي تعدّ الأولى منذ الأحداث غير العادية التي حصلت خلال شهر تشرين الثاني الجاري في المملكة العربية السعوديّة.
وانطلق فريدمان في مقابلته التي استمرّت لأربع ساعات في قصر العوجة شمال الرياض من توقيف أمراء ورجال أعمال سعوديين بتهم الفساد، واحتجازهم في فندق “الريتز كارلتون” في الرياض. وبدأ فريدمان بسؤال واضح: “ماذا يجري في الريتز؟ وهل هذه لعبة النفوذ لإزالة المنافسين قبل أن تتحوّل مفاتيح المملكة من والدك لك؟”.
بن سلمان تحدّث باللغة الإنكليزية، مجيبًا “إنّه أمر مضحك اعتبار هذه الحملة ضد الفساد انتزاعًا للسلطة”، وأضاف: “لقد عانت السعودية من الكثير من الفساد منذ الثمانينيات وحتّى الآن. وخلال السنوات الماضية، أطلقت الحكومة عددًا من حملات محاربة الفساد، ولم تنجح. وعندما استلم والدي الحكم، في الوقت الذي كانت تنخفض فيه أسعار النفط، تعهّد بوقف الفساد”. وتابع: “كان من أول أوامره لفريقه، عام 2015، جمع كلّ المعلومات عن الفساد، وقد عمل هذا الفريق على مدار عامين حتّى جمع المعلومات الدقيقة وجاء بمئتَي إسم”.
وأضاف: “عندما أصبحت البيانات جاهزة، جاء دور المدعي العام سعود المجيب وأُعطي كل ملياردير مشتبه به أو أمير أوقف خيارين”، وقال: “أطلعناهم على كلّ الملفات التي معنا، حوالى 1% فقط أثبتوا نظافة كفّهم، 4% قالوا إنّهم لم يعملوا في الفساد، وسيذهبون مع وكلائهم القانونيين الى المحكمة. وفقًا للقانون في المملكة، المدعي العام حرّ، لا يمكننا التدخل بعمله”. ورأى أنّ الصمت السعودي واضحًا، فقد طفح الكيل مع عدم عدالة الكثير من الأمراء والمليارديرات الذين مزّقوا البلاد، مشيرًا الى أنّ 95 % من الأمراء الموقوفين وافقوا على التسويات.
وقال فريدمان: “طلب مني بن سلمان عدم كتابة أننا نعيد تفسير الإسلام، بل نعيده الى أصوله، وما نستند إليه هو ممارسات النبي محمد، ففي أيّامه، كان يوجد مسارح موسيقية، خلط بين النساء والرجال واحترام للمسيحيين واليهود في السعودية. أوّل قاضية في الأمور التجارية في المدينة كانت امرأة”.
في السياسة الخارجيّة، لا يريد بن سلمان مناقشة الوضع الغريب الذي مرّ به الرئيس سعد الحريري، منذ مجيئه الى السعودية وإعلانه استقالته، الأمر الذي بدا أنّه تحت ضغط سعودي، والآن عاد الى بيروت، وعدل عن الإستقالة”، فبحسب الكاتب: “أصرّ بن سلمان على أنّ خلاصة القول في القضية برمّتها هي أنّ الحريري، مسلم سنّي، لن يستمرّ في توفير غطاء سياسي لحكومة لبنانية يتحكّم بها بالأساس حزب الله، الذي تتحكّم به إيران”.
وعن الحرب في اليمن التي تحوّلت الى “كابوس إنساني” بتعبير الكاتب، قال بن سلمان: إنّ الحكومة التي تدعمها السعودية تسيطر الآن على 85% من اليمن، والحوثيون الذين يسيطرون على المساحة الباقية أطلقوا صاروخًا بالستيًا على مطار الرياض”.
ويعتبر الأمير الشاب أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو “الشخص المناسب في الوقت المناسب”.
وأشار الكاتب الى أنّ السعوديين وحلفاءهم العرب يبنون إئتلافًا للوقوف بوجه إيران، ورأى أنّ المنافسات في العالم العربي السنّي حال دون تشكيل جبهة متحدة حتّى الآن، ولهذا السبب تتحكّم إيران بشكل غير مباشر بـ4 عواصم عربية، دمشق، صنعاء، بغداد وبيروت.
ووصف بن سلمان المرشد الأعلى في إيران السيد علي خامنئي بأنّه “هتلر الجديد في الشرق الأوسط”، وقال: “لا نريد أن يكرّر هتلر إيران في الشرق الأوسط، ما فعله هتلر القديم في أوروبا، وتعلّمنا من أوروبا أنّ الترضية لا تعمل”، وشدّد على أنّ السعودية تسعى لتعزيز قوتها واقتصادها.
وختم بن سلمان المقابلة بالقول: “أخشى أنّ يأتي اليوم الذي أموت فيه ولم أكن قد أنجزت بعد ما في ذهني. الحياة قصيرة جدًا وأمور كثيرة قد تحدث، وأريد أن أراها بعيني، ولهذا الأمر أنا على عجلة من أمري”.